بسم الله الرحمن الرحيم, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خيرة خلق الله أجمعين نبينا محمد وآله الطيبين و صحابته الغر الميامين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين أما بعد ׃
لا يخفى على كل لبيب أن رسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام ما اهتم بأمر وحرص عليه ،إلا لما فيه من الخير العميم والقدر الكبير فمن تتبع سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام يرى أنه كان يولي جانبا من اهتماماته وتوجيهاته إلى فئة الشباب، هته الفئة التي قصّر الكثير في حقها هذه الأيام ولم يتبعوا أثر الرسول عليه الصلاة و السلام في ذلك .
فلما كان الشباب هم عمدة هذا الدين وسنده, وقوام هذه الأمة وعزها, لأن الله أعطاهم من القوة البدنية والفكرية ما يفوقون به كبار السن، فبصلاح الشباب يصلح المجتمع وتصلح معه الدنيا والآخرة , فالدين لا يقوم إلا بأهله و متى أقاموه مكنهم الله ونصرهم على عدوّهم... فقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام أن يهتم بالشباب ويوجههم ،فيقول عليه الصلاة والسلام لابن عباس "يا غلام احفظ الله يحفظك " ويقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وهو رديفه على الحمار وكان حينها شابا "يا معاذ،أتدري ما حق الله على العباد ....."ويقول لعمر بن أبي سلمة ربيبه وهو طفل صغير "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " وقد ذكر عليه الصلاة والسلام أن من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله شاب نشأ في طاعة الله.
لكن ما آل إليه حال شبابنا اليوم لا ينبئ بالخير البتة، فشتان شتان بين شباب السلف وشبابنا،وما حملني لأن أكتب هذه المقالة إلا لما تراه عيني من حال شبابنا هدانا الله وإياهم ،فلا تكاد تمشي في الطرقات إلا وترى أحوالهم يشيب لها الولدان ويتبين لك حينها أن الفساد عمّ ،وعشّش سلطان الهوى والزيغ في عقول شبابنا وأفكارهم،وليس همّي أن أذكر أحوال الشباب اليوم ،فهذا لا يخفى على أحد, ولكن همّي أن نلتفت إلى هذه الفئة الفعالة ونعمل جاهدين لنغير ما أفسد الغرب ولا نقول هذا بغضا لهؤلاء الشباب ولا تأليبا عليهم و إنما شفقة علي وعليهم لنذكر أنفسنا وإياهم ولنتدارك هذه الثروة النفسية ونسخرها فيما يخدم مصالح الدّين والعباد .
** نظر أهل العلم نظرة فاحصة في الشباب فأمكنهم ذلك من أن يقسموا الشباب إلى ثلاثة أقسام هي׃
- شباب مستقيم.
- شباب منحرف.
- شباب متحير بين ذلك.
1-أما الشباب المستقيم׃
فهو شباب مؤمن محب لدينه يعبد الله مخلصا له الدين وحده لا شريك له ، متبع لهدي الرّسول عليه الصلاة والسلام ، شباب مقيم لأركان الدين من صلاة على وجهها الأكمل وصوم وزكاة وحج .
شباب يعامل إخوانه المسلمين معاملة طيبة, يدين بالنصيحة لله وكتابه ورسوله ولعامة المسلمين ،لايرضى بغشهم و لا خداعهم.
شباب غايته الدعوة إلى الله وشعاره في ذلك "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن "
شباب يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالطريقة التي جاءت عن رسولنا عليه الصلاة و السلام ،لأنه يعلم أن في ذلك خيرا لا جدال فيه ,كيف لا وهو يؤمن بقول الله عز وجل "كنتم خير أمة أخرجت للناس،تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"
شباب صادق صدوق في أقواله وأفعاله وحمله للمسؤولية أمام الله وأمام أمته ووطنه ،مقدما مصلحة الدين والأمة و الوطن على مصلحة الآخرين .
شباب له من الأخلاق ما يرضي ربه، ملتزم مهذب، عزيز النفس،كريم الطبع ، متزن ومنظم ومتقن لعمله .
ومقابل هذا كله فهذا الصنف من الشباب هو كذلك بعيد عن خلاف ما ذكرنا,فهو لا يرضى بالكفر و الفسوق ولا الأخلاق الهابطة و المعاملات الماجنة .
قال العلامة الفاضل ابن عثيمين - رحمه الله - ׃هذا القسم من الشباب مفخرة الأمة ورمز حياتها ودينها ،وهو الشباب الذي نرجو الله من فضله أن يُصلح به ما فسد من أحوال المسلمين ،وينير الطريق للسالكين وهو الشباب الذي ينال سعادة الدنيا والآخرة ...انتهى كلامه رحمه الله .

2-أما الشباب المنحرف׃
فشباب منحرف الفكر والعقيدة ، بعيد عن دينه منغمس في الباطل متهور في سلوكه لا يقبل الحق ولا يدع الباطل.
شباب سمته الفوضى ، فاقد للاتزان في تصرفاته، لا يلقي بالا لما أضاع من حقوق الله ولا من حقوق عباده ، شباب منتكس عن الصراط المستقيم زائغ عن أعراف مجتمعه ، مقلد لفعل غيره من الكفار ،شعاره الحياة لعب ولهو و زينة وتفاخر ،شباب لا أخلاق له، ليس له في المجتمع دور بل هو عالة عليه نسأل الله له الهداية ، شباب خاض في اللهو والمجون والاختلاط لا عز له ولا كرامة ،حياته نكبة وشقاوة .
3- شباب حائر بين ذلك :
قال أهل العلم أن هذا الصنف من الشباب هو شباب عارف للحق ومطمئنة به نفسه ،شباب تربّى في مجتمع محافظ ملتزم ،غير أن رياح الارتياب أخذت منه مأخذا ، فمنحته نصيبا من الشك في العقيدة، وانحراف في السلوك وخروج عن عرف التقاليد الاجتماعية ،شباب وجد نفسه في مفترق للطرق تحيط به تيارات باطلة وأفكار فاسدة ، فتراه أمامها كالحيران ،لا يدري أهي الحق أم ما كان عليه السلف الفائت والمجتمع المحافظ ، فتجده بذلك مترددا مشوش الذهن والفكر فتارة يميل إلى ذات الحق وتارة إلى ذات الباطل حسب قوة التيارات العاصفة به .
وقد ذكر أهل العلم أن هذا القسم من الشباب سلبي في حياته ،يحتاج إلى من يأخذ بيده،ويقوده إلى البر والى جادة الحق .وأكثر من ابتلوا بهذا الصنف هم شباب حصلوا على بعض الثقافة الإسلامية لكنهم تمادوا في طلب كثير من العلوم الكونية التي تعارض الدين في الأصل فوجدوا أنفسهم متحيرين بين ذلك .
ولو ركزوا على الثقافة الإسلامية وتلقوها من نبعها الأصيل ،كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام و على أيدي علماء أجلاء ثقات مخلصين, لزالت عنهم تلك الحيرة .
**وفيما يلي سنعرض بعضا من مشاكل الشباب التي تعكر صفو حياتهم وتنغص عليهم دينهم كما ذكر ذلك أهل العلم الأفاضل, ٳذ أن من أكثر المشاكل عصفا بالشباب نجد׃
1- الفراغ.
2- فشو الجهل.
3- التعرض للتيارات الخطيرة .
4- بعد الشباب عن كبار السن .
5- ظن بعض الشباب أن التدين و الٳلتزام تقييد للحريات.
6- رفقاء السوء و المنحرفيين
7- التسويف.
8- ضعف الهمة .
1- الفراغ׃
من المعلوم بالضرورة عندنا أن الفراغ معضلة فتاكة ، ومشكلة قصمت ظهر الكثير من إخواننا الشباب ،كيف لا وقد قال عليه الصلاة والسلام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ " وتكمن خطورته في كونه داء يوهن الفكر والعقل ويحبس طاقات الجسم ومواهبه ،لأن الشاب ٳذا لم يشغل نفسه بما يقيمها ،شغلته بالوساوس و الأفكار الردية.
أما علاج هذه المشكلة فيكمن في مبادرة الشاب إلى إشغال وقته بما ينفع من الخير، ويدفع الباطل , وذلك بتحصيل العلم أو بمزاولة التجارة المباحة أو غيرها.
2- فشو الجهل׃
فكثير من الشباب وللأسف جاهل بدينه ،لا يعلم منه إلا القليل ولا يبادر لطلبه ,ٳذ أنه لو اجتهد في طلبه لكانت له الحصانة والقدرة على التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار ، ولكان جديرا به ألا يقع في شر الأفكار الهدامة و التيارات الخطيرة .
و علاج هذه المشكلة يكمن في عقد العزم على طلب العلم و تحصيله و مجاهدة النفس لكسبه,و ليرغم الشاب نفسه على مطالعة الكتب النافعة, والإستماع إلى المحاضرات القيمة, و حضور مجالس العلم, و مخالطة طلبة العلم و سؤال العلماء,خاصة و أن ذلك ميسر في وقتنا الحاضر لمن وفقه الله..و إني أقول و الله و تالله لو علم إخواننا الشباب ما يحصل لهم من غبطة و حلاوة,وما يجدونه من نفحات ربانية عند طلبهم للعلم لما تخلفوا عنه هنيهة .
3-التعرض للتيارات الخطيرة׃
فكم افتتن شبابنا اليوم بما تقدمه التيارات التي تحملها وسائل الإعلام المنحرفة و الضالة من ٳذاعات وصحف ومجلات تحمل بين صفحاها السموم ،بالله عليكم ما بال شبابنا قد تغيرت أخلاقهم ومظاهرهم فأصبحوا يقلدون الكفار في لباسهم وتسريحات شعورهم وفي حركاتهم وسكناتهم , أليس ذلك من فعل هذه التيارات المدسوسة في القنوات وغيرها, والتي جلبت لنا السوء والعار, بل وقد تحول بفعلها كثير من شبابنا من مسلم إلى مسيحي أو شيوعي والعياذ بالله والأمر لا يخفى عليكم .
4- بعد الشباب عن كبار السن ׃
نرى كثيرا من كبار السن وقد تأثروا بسلوك الشباب فأصبحوا ينظرون إليهم نظرة مزرية وتعقدوا بأفعالهم ،فلا يبادر هؤلاء الكبار إلى نصح الشباب وتوجيههم, وزعمهم في ذلك أن صلاحهم أمر ميئوس منه ، فترى الفجوة عميقة بين هؤلاء الكبار والشباب ،وهذا أمر لا يليق فلو تحمل الكبار المسؤولية وبادروا بالنصح و التوجيه لأثمرت جهودهم ، فكم من شاب كان سارحا في الانحلال الخلقي والفساد والعصيان ولكن بفضل الله تاب وأصلح فأصبح عالما أو داعية أو ملتزما .
فعلى الشباب أن يوطدوا علاقاتهم بكبار السن, وعلى هؤلاء تحمل المسؤولية والمبادرة إلى توجيههم .
5- ظن بعض الشباب أن التدين والالتزام تقييد للحريات׃
وهذه المشكلة قد لا تكاد تنفك عن شبابنا فيظنون أن الالتزام بتعاليم الشرع الحنيف يضيق عليهم الخناق في شخصياتهم ويحد من حرياتهم، خاصة وأن الكثير قد تأثر بتقاليد الغرب وثقافته ،فيرى شبابنا المسلم وللأسف الشديد أن التدين تأخر عن ركب الحضارة و تخلف عن قطار التطور وشعارهم في ذلك العولمة(الماجنة)، ولو سمعنا هذا من غير المسلمين لهان الأمر ،لكن أن يكون من عندهم فهذا ما لم يستوعبه عقلي ، ونحن نقول كما قال أهل العلم من قبلنا أن الإسلام والالتزام بالشرع الحنيف هو الخير والفضل كله وهو النظام المتماسك الذي لو طبق لعشنا في سعادة قد يقاتلنا عليها الأمراء والسلاطين ، فالإسلام ميدان رحب للطاقات الفكرية والعقلية والجسمية وهو يدعو إلى التفكير والنظر وإنماء العقل.
قال الله تعالى "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا..."
وعلاج هذه المشكلة يكمن في المبادرة إلى تعليم الشباب لدينهم وتوضيح معالمه لهم وتبصيرهم بخيره العميم .
6 - رفقاء السوء׃
وهي قاصمة ظهر الشباب والمعضلة الكبرى والمشكلة التي أنهكت الدعاة و الناصحين ،قال عليه الصلاة والسلام "المرء على دين خليله ،فلينظر أحدكم من يخالل."، وقال أيضا "مثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة "
ويقول المثل الشعبي عندنا "قل لي من هو صاحبك أقول لك من أنت"
وليس ذلك إلا لأن الشاب يتأثر برفقائه في فكره وعقله وأخلاقه فكم رأينا من شباب كانوا ملتزمين فخالطوا أشرارا فأصبحوا منتكسين، نسأل الله السلامة ، وعلاج هذه المشكلة هو أن يختار الشاب من كان ذا خير وصلاح وخلق لصحبته ، فلا تجمعهما إلا طاعة الله وعليها يفترقا ،يسند أحدهما الآخر ويقوي بعضهما الآخر على طاعة الله والنصيحة له ولدينه ،وليجتهد الشاب في الابتعاد عن رفقاء السوء وعدم مجالستهم والاختلاط بهم لأن في ذلك ضررا كبيرا على دينه وأخلاقه.
7- التسويف׃
وهو شعار يسلي به الكثير من الشباب أنفسهم، و يكابدون به الأيام وٳذا ما نصحت أحدهم يقبل منك ما تقول لكن يقول لك سوف أفعل وسوف أعمل ويعيش في الأماني ..
و كان السوف للفتيان قوتا ** تعيش به وهنئت الرقوب.
فالتسويف خطر عظيم ، يميت القلب ويفسد الفكر ويعجز الشاب عن التقدم للصلاح والإصلاح حتى يفجأه الموت ،وحينها يدرك من أمره ما لم يكن يحتسب .
وعلاج هذه المشكلة أن ينقض الشاب هذه الفكرة ،فلا يؤخر التوبة و لا العمل ويسعى للمسارعة في الخيرات ،يقول الله عز وجل "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " الآية 133 آل عمران ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام "ٳذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وٳذا أصبحت فلا تنتظر المساء ...."
8- ضعف الهمة ׃
قال الفراء - رحمه الله – لا أرحم أحدا كرحمتي لرجلين رجل يطلب العلم ولا فهم له ،ورجل يفهم ولا يطلبه, وٳني لأعجب ممن في وسعه أن يطلب العلم ولا يتعلم .
صدق الفراء رحمه الله ،فحال كثير من الشباب ممن له المواهب والقدرات التي ليست لغيرهم غير أنهم لا يقدرونها, فتجد هممهم متدنية لا يملكون النزعة لطلب العلم والدعوة إلى الله رغم ما منحهم الله من تلكم القدرات ،فنجد كثيرا من إخواننا يرضون بالقليل من المعلومات وينفرون من المطالعة والدعوة ويعرضون عن طلب العلم وتحصيله .
ولم أرى في الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
و علاج هذه المشكلة هو׃
فكن رجلا رجله في الثرى
وهامة همته في الثريا
فمن وهبه الله شيئا من تلكم المواهب فليركب قارب العبّاد والزهاد وليفعل كما فعلوا ،فإنهم كانوا رجالا وهو رجل ,ولا يقنع بالقليل من الفضائل فالقنوع ههنا من خصال الأراذل .
دع عنك ذكر الهوى والمولعين به *****وانهض إلى منزل عالم به الدرر
انهض إلى العلم في جد بلا كسل******نهوض عبد إلى الخيرات يبتدر
واصبر على نيله صبر المجدّ له******فكيف يدركه من ليس يصطبر
ومن هبطت همته فٳني أنصحه أن ينظر في سير السلف الصالح رضي الله عنهم وكيف كانت هممهم شامخة ،فلو تتبع أخبارهم و قرأ قصصهم لأصبحت له مثل هممهم.
و في الأخير لا يسعني إلا أن أقول ألم يان لنا كشباب أن نعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا لحمل راية الإصلاح,للنهضة بأمتنا ووطننا,وتمثيل ديننا أفضل تمثيل...كفانا طيشا..كفانا إهمالا ..كفانا مراهقة..آن الوقت لنتصرف بمسؤولية أكثر,آن الوقت لنحمل راية الدعوة إلى سبيل ربنا, آن لنا أن ندون شعارنا لنقول فيه كما جاء في كتاب ربنا: (( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب.)..
و الله إنه ليحز في نفسي أن أرى شبابا يافعين و قد اغتالت الشهوات عقولهم و شعورهم و أفقدتهم الإحساس بالمسؤولية, كما لا أخفي عليكم أنه يعز في نفسي من جهة أخرى أن أرى شبابا قد أكرمهم الله و أحيا ضمائرهم,فتراهم و قد بادروا بالإصلاح و العمل والالتزام.
نسأل الله أن نكون كما يرضى ربنا و يحب, عبادا له نعبده على بصيرة و ندعو إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة و بالطريقة التي ثبتت عن رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام, لا مغيرين و لا مبتدعين ,و أسأل الله أن يوفق شباب الجزائر و سائر شباب المسلمين و أن يكرمهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, و صلي اللهم و سلم و بارك على نبينا الأمين.

أحاديث فيها ذكر الشباب

1- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((يعجب ربك لشاب ليست له صبوة)). رواه أحمد و سنده حسن.
و الصبوة : الهوى و الميل عن الحق
2- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل , و شاب نشأ في طاعة الله ,ورجل قلبه معلق بالمساجد, و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه ,ورجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال :إني أخاف الله , و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ,ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)).رواه البخاري
3- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.)) رواه الترمذي.وقال حديث حسن صحيح.
4- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( يقال لأهل الجنة: إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً.)).رواه مسلم.
5- قال أبو بكر و عنده عمر بن الخطاب لزيد بن ثابت رضي الله عنهم: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك و كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه و سلم فتتبع القرآن فاجمعه.)) رواه البخاري.
6- دخل النبي صلى الله عليه و سلم على شاب و هو في سياق الموت فقال له: كيف تجدك؟قال: أرجو الله يا رسول الله و أخاف ذنوبي. فقال النبي صلى الله عليه و سلم :(( لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه ما يرجوه و أمنه مما يخافه.)) رواه ابن ماجة و قال حديث حسن.
7- قال البراء بن عازب رضي الله عنه في غزروة حنين : لا و الله ما ولّى رسول الله صلى الله عليه و سلم و لكن خرج شبان أصحابه و أخفاؤهم حُسَّراَ ليس عليهم سلاح . رواه البخاري.
8- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نغزوا مع النبي صلى الله عليه و سلم و نحن شباب. رواه أحمد.قال محقق المسند : إسناده صحيح على شرط الشيخين
9- و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان شباب من الأنصار سبعين رجلا يقال لهم القراء يكونون في المسجد فإذا أمسوا انتحوا ناحية من المدينة فيتدارسون و يصلون يحسبهم أهلوهم في المسجد, و يحسبهم أهل المسجد في أهليهم ,حتى إذا كان في وجه الصبح استعذبوا من الماء, و احتطبوا من الحطب فجاءوا به فأسندوه إلى حجرة النبي صلى الله عليه و سلم. و كانوا يشترون بذلك طعاما لأهل الصفة , و أهل الصفة هم الفقراء المهاجرون إلى المدينة ليس لهم أهل فيها و لا عشيرة , فيأوون إلى صفة في المسجد أو قريبا منه. رواه أحمد والبيهقي وقال محققو المسند:إسناده صحيح.
10- و عن علقمة أحد أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت أمشي مع عبد الله بمنى فلقيه عثمان رضي الله عنه فقام معه يحدثه فقال له عثمان : يا أبا عبد الرحمن ألا نزوجك شابة لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك. فقال عبد الله: لئن قلت ذلك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له و جاء.)) رواه البخاري و مسلم.
11- و في حديث الدجال عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الدجال يدعو رجلا ممتلئا شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل و يتهلل وجهه يضحك. رواه مسلم.
12- عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال : أتينا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن شبيبة متقاربون, فأقمنا عنده عشرين يوما و ليلة , و كان رسول الله صلى عليه و سلم رحيما رفيقا,فلما ظن أنا قد اشتقنا أهلنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه فقال صلى الله عليه و سلم :(( ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم و مروهم وذكر أشياء, و صلوا كما رأيتموني أصلي ,فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم و ليؤمكم أكبركم.)) رواه البخاري

قـــــــصة شاب تائب

عن عتبة الغلام رحمه الله تعالى, و كان شابا من أهل الفسق و الفجور مشهورا بالفساد و شرب الخمر , فدخل يوما في مجلس الحسن البصري و هو يقرأ في تفسير قوله تعالى :((ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )) يعني ألم يجئ وقت تخاف قلوبهم ؟فوعظ الشيخ في تفسيره هذه الآية وعظا بليغا حتى أبكى الناس ,فقام من بينهم شاب فقال : يا تقي المؤمنين ,أيقبل الله تعالى الفاجر مثلي إذا تاب ؟ فقال الشيخ: نعم يقبل الله توبة فسقك و فجورك , فلما سمع عتبة الغلام هذا الكلام اصفر وجهه و ارتعدت فرائصه فصاح صيحة , فخر مغشيا عليه , فلما أفاق دنا منه الحسن و قال هذه الأبيات :
أيا شاب لرب العرش عاصـي ** أتدري ما جزاء ذوي الـمعاصي
سعير للعصـاة لهـا زفـيـر ** وغـيظ يوم يـؤخـذ بالنواصي
فإن تصبر عن النيران فاعصـه ** و إلا كن عن العـصيان قـاصي
و فيما قد كسبت من الخطايـا ** وهنت النفس فاجهد في الخلاص

فصاح عتبة صيحة عظيمة و خر مغشيا عليه , فلما أفاق قال يا شيخ : هل يقبل الرب الرحيم توبة مثلي اللئيم ؟ فقال الشيخ : و هل يقبل توبة العبد المجافي إلا الرب المعافي ؟ ثم رفع رأسه و دعا ثلاث دعوات : الأولى : قال :إلهي إن كنت قبلت توبتي و غفرت ذنوبي فأكرمني بالفهم و الحفظ حتى أحفظ كل ما سمعت من العلم و القرآن , و الثانية : قال : إلهي أكرمني بحسن الصوت حتى أن كل من يسمع قراءتي يزداد رقة في قلبه و إن كان قاسي, و الثالثة : قال : إلهي أكرمني بالرزق الحلال و ارزقني من حيث لا أحتسب...فاستجاب الله جميع دعائه حتى زاد فهمه و حفظه و كان إذا قرأ القرآن تاب كل من سمع قراءته, وكان يُوضع في بيته كل يوم قصعة من المرق و رغيفان و لا يدري أحد من يضعهما و كان على هذه الحال حتى فارق الدنيا..فرحمة الله عليه.
و هذا حال من أناب إلى الله تعالى ورجع إليه ,لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
فحري بنا أيها الإخوة في الله أن نتوب إلى الله توبة نصوحا يمحو بها عنا الآثام, و لنعلم أن رحمة الله أوسع و أعظم , ولنأخذ العبر و نستقصي المواعظ. نسأل الله أن يوفقنا للتوبة النصوح إنه ولي ذلك و القادر عليه.

ليست هناك أي مشاركات.
ليست هناك أي مشاركات.